Comments

مدن كوردية شخصيات كوردية مقالات منوعة انفوجرافيك آراء فيديو

حقيقة إبادة الآرمن
مشاهدة

حقيقة إبادة الآرمن

حقيقة إبادة الآرمن
جلال زنگابادي
يقيناً أنّ قضيّة (إبادة الأرمن) شائكة ومعقّدة جدّاً تستوجب قراءة موضوعيّة معمّقة وموسّعة ؛ نشداناً للحقيقة ؛ فقد روّجت أوساط أطرافها ذات العلاقة (الترك ، الأرمن ، الكرد ، الآشوريّون ، الروس ، الألمان ، الإنكَليز ، الفرنسيّون ، الكنائس و...) أكاذيب وأغاليط وأضاليل باتت من قبيل الأمور المسلّم بها حتى عند أغلب الباحثين المتشدّقين بالأمانة العلميّة والموضوعيّة الحياديّة !
لم تقتصر الإبادة على الأرمن حصراً، وإنّما شملت الكرد واليونانيين والآشوريين ، و لو لمْ تنهزم السّلطنة العثمانيّة في الحرب ؛ لفعلت الشيء نفسه بالعرب ...

يُعَد ظهور المسألتين الكرديّة والأرمنيّة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر من أعظم التحدّيات التي واجهت الإمبراطوريّة العثمانيّة الآيلة إلى الإنهيار ، إذ زادت الدول العظمى إحتدام الصراعات الدائرة بين (الكرد والأرمن) و(الترك) وبين (الأرمن) و(الكرد) ؛ بإتّجاه يحقق مآربها ، ودعمت وسائل دعايتها الأرمن ، بلْ بالغت بالضرورة في ترويج مشاهد مظالم العثمانيين وعسف المسلمين وبربريّة الشعب الكردي!
أجلْ ؛ فقد لعبت الدول : الألمانيّة ، الروسيّة القيصريّة ، البريطانيّة ، النمسويّة ، الفرنسيّة والإيطاليّة ...بسياساتها المنافقة واتفاقاتها السرّيّة ومعاهداتها العلنيّة ، لعبت أخبث دور في احتدام (المسألة الأرمنيّة) والبلايا التي أصابت الشعب الأرمني ؛ لضمان مصالحها السياسيّة والإقتصاديّة ؛ ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين ، أصبح الشعب الأرمني بمثابة بيدق شطرنجي في اللعبة السياسية بين الدول المذكورة والسّلطنة العثمانيّة ، إذْ لعبت تلك الدول بالبيدق الأرمني بحجّة (حماية المسيحيين) ؛ لتحقيق مصالحها السياسيّة والإقتصاديّة في عقر دار (الرجل المريض) ؛ فجاء ردّ فعل السلطنة العثمانيّة شديداً ؛ إذْ نفّذ السّلطان عبد الحميد الثاني صاحب المقولة الشهيرة :
" إنّ التخلّص من المشكلة الأرمنيّة ؛ يكون بالتخلّص من الأرمن أوّلاً "! نفّذ حملة إبادة في (1894- 1896) ناف عدد ضحاياها على (300 ألف) أرمني..وتلاه رد فعل حكومة (الإتحاد والترقّي) في 1913 بكل فصاحة في تصريح موجّه إلى النخبة السياسيّة الأرمنيّة :
" أيّها الأرمن ! إذا لم تكفّوا عن المطالبة بالإصلاحات ؛ سيصيبكم شيء ؛ بحيث ترون مذابح عبد الحميد بالمقارنة معه قد كانت لعب أطفال !" في حين كان الأرمن أبرز حلفاء (الإتحاد والترقّي) في الثورة على السطان عبدالحميد ، بلْ كانوا أصدقاء يقدّمون الدعم لبعضهم البعض في الإنتخابات .. وهكذا فقد انخدع الأرمن أكثر من الكُرد بـ (جمعيّة الإتحاد والترقّي) بلْ تعاونوا معها اكثر ، لكنّ أملهم قد خاب ؛ إذْ تلقّوا الإبادة جزاءَ ذلك !
ففي ليلة 24على 25 نيسان 1915 قامت سلطات حكومة الإتحاد والترقّي الطورانيّة باعتقال (235 مثقفاً) من خيرة أعيان الشعب الأرمني ، في أستانبول وزجّتهم في السجون ، ثمّ نقلتهم إلى الأناضول ، و زاد العدد إلى قرابة (600 معتقل) وفي الأيّام اللاحقة ، ولمْ ينجُ منهم سوى (15شخصاً) من القتل ، وعندها قصد (فارتكيس) عضو البرلمان التركي الذي كان ما يزال طليقاً ، قصد صديقه الحميم طلعت باشا وزير الداخليّة ؛ ليستفسر منه عن حقيقة الأمر؛ فأجابه طلعت بكل صراحة :
" في أيّام ضعفنا ؛ حاولتم خنقنا بمطالبتكم بالإصلاحات الأرمنيّة ؛ لذلك سنستفيد الآن من الظروف الملائمة التي نحن فيها ؛ لكي نشتت شعبكم بطريقة تجعلكم لا تجرؤون على التفكير بالإصلاحات لمدّة خمسين سنة !"
فتساءل فارتكيس : " يعني لديكم النيّة في إكمال ما فعله عبدالحميد ؟!"
فأجابه طلعت بكل وقاحة : " نعم! "
وهكذا كان مخطط تهجير الأرمن وإبادتهم جاهزاً ؛ حسب ( قانون النقل وإعادة التوطين) الذي أصدره البرلمان العثماني لاحقاً في 27 مايو/أيار 1915:
(1) سوق شباب الأرمن إلى الخدمة العسكريّة في شباط 1915 بدون تسليح ، ومعاملتهم كمساجين في العمل الإجباري ؛ حيث مات معظمهم من الإرهاق والمرض والجوع ، أو الإجهاز عليهم ..
(2) إعتقال خيرة أعيان الأرمن في السياسة والثقافة.. في ليلة 24 / 25 نيسان 1915 كما سلف.
(3) وبعدها إستفرد الجيش التركي والجندرمة بالشعب الأرمني الأعزل المغلوب على أمره ؛ إثر فقد شبابه وقادته ؛ ممّا سهّل تنفيذ المخطّط الإجرامي لإبادته ؛ حيث لمْ يلقَ المجرمون الطّورانيّون سوى مقاومات ضئيلة التأثير ، في حين سمّتها الحكومة التركيّة الشوفينيّة بـ (التهجير) ! وادّعت أنّ عدد الضحايا لمْ يتجاوز (60 ألفاً) في حين بلغ عدد الضحايا الأرمن أكثر من مليون ونصف المليون خلال السنوات (1894- 1923) ؛ إذْ لمْ تقتصر الإبادة على الفترة (1915- 1918) وإنّما نُفّذت أيضاً في الفترتين : (1894- 1896) عهد السلطان الأحمر عبد الحميد الثاني ، و(1919- 1923) في أوائل عهد كمال أتاتورك ، بعد تحالفه سنة 1922 مع روسيا البلشفيّة التي تخلّت عن مطالبها وإمتيازاتها في الإمبراطوريّة العثمانية المنهارة ، حيث سحبت جيشها ، وفسحت المجال للجيش التركي بالتوغّل واجتياح مناطق أرمينيا حتى آذربايجان ، حيث أجهز على اللاجئين الأرمن الناجين من المذابح السّابقة ، إضافة إلى المناطق الجديدة المجتاحة .
×××
في الوقت الذي شارك أكثر الترك في عمليّات التطهير العرقي للأرمن ؛ بصفتهم (القوميّة الحاكمة في السّلطنة العثمانيّة) ، وقف أغلب الشعبين الكردي والعربي وقفة مشرّفة إبّان محنة الشعب الأرمني والمسيحيين الآخرين ؛ فقد جازفت عشائر و عوائل كرديّة وعربيّة وحتى تركيّة بحماية الكثيرين من الأرمن وخاصّة أطفالهم ، أجلْ إنّ معظم الأرمن الناجين من المذابح خمّن الباحث الكردي حسن هشيار عددهم بـ (165 ألف) والكردلوجي السوفياتي ك .أ. تشاتشيان بـ (200 ألف) كانت نجاتهم بفضل الكرد ، بينما كانت الأوامر تقضي بإعدام كل من يؤوي الأرمن ويساعدهم ، لكن الشوفينيين من الأرمن وبعض المسيحيين الآخرين مابرحوا ينكرون جميل الشعب الكردي !
فلا عجب إذنْ ؛ إذا سعى عتاة الطورانيين (البانتركيزم) ومازالوا يسعون إلى إلصاق مسؤوليّة جريمة إبادة الأرمن بالشعب الكردي ؛ كأنّ السلطنة العثمانيّة المبيدة للأرمن وغيرهم كانت دولة كرديّة وكان سلطانها وحكّامها من الكُرد ! في حين كان الكرد حالهم حال العرب والأرمن واليونانيين والشركس واللاز وغيرهم من رعايا الإمبراطوريّة التركيّة المسؤولة عن مصايرهم ؛ تبعاً للقوانين والأعراف الدوليّة .
ويزعم بعض الأرمن وغيرهم أن للمرتزقة الكرد (فرسان الحميديّة) دوراً بارزاً في إبادة الأرمن خلال السنوات (1915- 1918) ، وهنا لامناص من توضيح المشهد الحقيقي ؛ وهو ان السلطان عبدالحميد الثاني شكّل (الألوية الحميديّة) في مطلع صيف 1891 من القوميّات غير التركيّة : الألبان ، الشركس ، الكرد والأرمن ؛ بحجّة " تأديب العصاة" وقمع " حركات التمرّد" ، وكان ذلك يعني في الواقع قمع انتفاضات وثورات الكرد والأرمن وشعوب البلقان . وقد بلغ مجموع (الألوية الحميديّة) نحو (100- 110 آلاف فارس) يشكّلون (200 أورطه = كتيبة) كل واحدة منها متكوّنة من (500- 550 فارساً) وكان القسم الكردي يبلغ قرابة (10 آلاف فارس) أي عشر(الألوية الحميديّة) ، وليس معظمها كما أشاعت الأوساط الشوفينيّة المعاديّة للأمّة الكرديّة ، ولم تكن تابعة لأيّ حزب أو تنظيم سياسي كردي . ولقد قويت شوكة (الألوية الحميديّة) ومارست عمليّات قمع ضد الأرمن والكرد وغيرهم ، بل غدا الترك أنفسهم يخشون سطوتها وبطشها ! وطبعاً شاركت في حملة إبادة الأرمن خلال (1894- 1896) وحتى في تلك الحملة أنقذ الكرد الكثير من الأرمن ومنهم إبراهيم باشا ملّي الذي أنقذ حياة قرابة عشرة آلاف أرمني ، في حين كان من أقوى قادة الألوية الحميديّة آنذاك ، وقد تكرر ذلك أثناء مذابح 1915.
وهنا لابدّ من الإشارة والتأكيد على ان أجهزة استخبارات السّلطنة العثمانيّة شكّلت فرقاً خاصّة من السجناء والمجرمين والرعاع الترك وغيرهم ترتدي الزيّ الكردي ؛ بقصد إلصاق الجرائم بالشعب الكردي وكانت الأكثر شراسة في ارتكاب المذابح !
أمّا العصابات الأرمنيّة المسلّحة فقد كانت تابعة للأحزاب الأرمنيّة التي كانت تحسب الكرد العدوّ الأوّل للأرمن دائماً، في حين مابرح الكرد يدافعون طوال أربعة قرون عن إستقلال إماراتهم ذات الحكم الذاتي ضد التداخلات التركيّة ، و كان الأرمن رعاياهم ؛ والإنتفاضات والثورات الكرديّة العديدة ، التي شارك الأرمن والآشوريّون في بعضها أسطع برهان على ذلك ، بلْ لم يتحالف أيّ حزب أو تنظيم سياسي كردي مع الأتراك ضد الأرمن ، وحرّم أغلب علماء الدين الكرد قتل الأرمن ومنهم الشيخ سعيد بيران الذي قال : " إنّ منْ يقتل أرمنيّاً كمنْ قتل مسلماً" وأوصى بالتستّر عليهم وإيوائهم من شرور الترك ، وقد أُغتيل الملّا المتنوّر البارز سعيد شمديناني (1885- 1918) ؛ لأنه كان قد أفتى فتوى مضادّة لفتوى الجهاد العثماني القاضي بقتل المسيحيين . في حين تحالف الأرمن مع جمعيّة الإتحاد والترقّي التركيّة خلال السنوات (1908- 1914) بلْ حرّضت الأحزاب الأرمنيّة على قتل الكرد ؛ إذْ قتلت الفرق الأرمنيّة عشرات الألوف من الكرد وهجّرت مئات الألوف منهم بمؤازرة الجيش الروسي الذي اجتاح كردستان في أوائل 1916 حتى بلغ راوندوز وخانقين ، وهناك وثائق تؤكد قتل العصابات الأرمنية ( 519 ألف) مسلم في تركيا، وطبعاً أكثرهم من الكرد.

من المؤكّد أن تأجيج السّلطات التركيّة للنعرة الدينيّة ، والمجاعة ؛ قدْ هيّجت مشاعر ومطامع الآلاف من الرعاع واللصوص والمجرمين الترك والكرد والعرب والشركس... ضد الأرمن وغيرهم من المسيحيين ، وكرد فعل أيضاً لتحالف الأحزاب الأرمنيّة كـ (هانشاك) و(طاشناق) مع روسيا القيصريّة ومشاركة الثوّار الأرمن في جيشها المجتاح لكردستان وقتل عشرات الألوف من المسلمين الكرد خاصّةً وتهجير مئات الألوف ، بلْ قتل الأرمن من الموالين لحكومة الإتحاد والترقّي والعاملين في شرطتها وإداراتها ، وكذلك النبلاء الأرمن ، لاسيّما التجّار والكهنة ، ناهيكم عن الجواسيس الأرمن لصالح السّلطنة التركيّة..

بشهادة أغلب الأجانب من القناصل والساسة والسيّاح والمبشّرين ، كانت العلاقات جيّدة بين الشعبين الكردي والأرمني منذ القدم ، ولمْ يكن هناك أيّ خلاف مستديم أو صراع بينهما حتى ظهور (المسألة الأرمنيّة) في عام 1877 والتي تلخّصت ظاهريّاً بـ " حماية الأرمن من الكرد والشركس " بحجّة درء خطر الشعب الكردي الجاهل البربري عن الأمّة الأرمنيّة المتحضّرة والمسيحيين عموماً، أمّا باطنيّاً فقد تغيّا الأرمن بمؤازرة القوى الكبرى تأسيس (دولة أرمنستان) على أرض كردستان ذات الأغلبيّة الكرديّة وتهجير الكرد منها، وطبعاً إستفرصت الدول الكبرى هذه المسألة وضعف السّلطنة العثمانيّة وإستغلّتهما في سبيل بسط هيمنتها الكولونياليّة على عموم المنطقة ، وتجاهلت تراجيديا ضحايا الكرد الذين تجاوز عددهم المليون ، بلْ عتّمت عليها إعلاميّاً ؛ لمجرّد كونهم كرداً ومسلمين ! حيث قامت السلطات الطورانية بتهجير الكرد في أواخر شتاء 1916 إلى عمق الأناضول الغربيّة ؛ لتتريكهم و تمهيداً لتتريك الأناضول الشرقيّة (كردستان) بتوطين الوافدين من الأتراك البلغار ومسلمي ألبانيا والبوسنة والأجزاء الأخرى من البلقان والشركس والشيشان ، ورغم كل ذلك إستكرد أغلب أولئك الوافدين لاحقاً؛ لأن الأتراك غزاة ومحتلّو (تركيا!) التي هي أصلاً وطن الكرد والأرمن واليونانيين والآشوريين . ولعلّ التقارب الأرمني - الكردي في مؤتمر الصّلح في باريس (18 كانون الثاني 1919- 21كانون الأول 1920) و المتمثّل بإتفاق الوفدين الأرمني والكردي والبيان المشترك الذي وجّهه رئيسا الوفدين بوغوص نوبار باشا و الجنرال شريف باشا إلى الرئيس الفرنسي كليمانصو بصفته رئيساً للمؤتمر ؛ أسطع دليل على التآخي بين الشعبين العريقين الكردي والأرمني !
وهكذا فقد راح الشعب الأرمني ضحيّة لتشابك مصالح القوى العظمى وصراعاتها للإستحواذ على مناطق النفوذ ؛ حيث أُبيد قسم كبير منه ، وهُجِّر القسم الأكبر منه فتشتّت في أنحاء العالم.
فلا عجب أنْ يتباهى طلعت باشا (عرّاب الإبادة) لاحقاً :
" لقد فعلت في يوم واحد من أجل حلّ المسألة الأرمنية أكثر ممّا فعله عبد الحميد خلال 30 سنة"
وهو الذي وجّة بضع برقيّات صريحة المضامين جدّاً بإبادة الأرمن إلى الولاة والجيش والجندرمة ، ومنها هذه البرقيّة إلى والي (ديار بكر) :
" إحرقْ ..دمّرْ ..أقتلْ "
كما قال رائد في الجيش التركي مفتخراً :
" لقد قمنا بما لم يفعله كلّ السلاطين السابقين ؛ إذْ قتلنا شعباً ذا تاريخ خلال شهرين"!
أجلْ ؛ فقد أكّدت حكومة الإتحاد والترقّي في العديد من البرقيّات إلى ولاتها متضمّنة الأمر الآتي :
" يجب أن يتلاشى الشعب الأرمني"

لقد قام الطّورانيّون بتهجير اليونانيين من تركيا من قبل ، و " يمكننا أنْ نؤكّد هنا أنّ عدم اعتراض العالم المتمدّن ضد هذا التهجير ؛ قدْ شجّع الأتراك لاحقاً لتطبيق الطرق نفسها، ليس على اليونانيين فحسب ، بلْ على الأرمن و السّريان والنسطوريين وغيرهم من الشعوب الخاضعة لهم..." كما أكّد هنري موركَنتاو (السفير الأمريكي في أستانبول آنذاك) ، ثمّ انّ " ما حصل أمس للأرمن ، حصل للعرب ، وللأكراد ، ولشعب جنوب أفريقيا ، وقدْ يحصل لأيّ شعب ، و لأيّة أمّة ؛ مهما كانت حضارتها زاهرة في الماضي ، ومهما كان حقّها ساطعاً ؛ ممّا يحوّل قضيّة الأرمن إلى همّ عالمي إنساني لايزيحه إلّا تطبيق العدالة وسيادة الأعراف الدوليّة الحضاريّة " (ص16 د. نعيم اليافي / مجازر الأرمن..)
والآن مطلوب من الجميع موقف حاسم واضح من إبادة الأرمن وغيرهم...إستناداً الى معاهدة (منع جريمة الإبادة ومعاقبتها) للأمم المتحدة في سنة 1948، وكذلك إتفاقية (عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية) للأمم المتحدة في سنة 1968مع إرسال وفد كردستاني من المثقفين الأكفاء إلى أرمينيا للمشاركة في مراسم مئويّة الإبادة الكبرى للأرمن..

دور ألمانيا في إبادة الأرمن
وأخيراً إعترف رئيس ألمانيا يواكيم غاوك بإبادة الأرمن ودور ألمانيا فيها قائلاً :
" الألمان أيضاً يتحمّلون جزءاً من المسؤوليّة ، وفي بعض الأحيان شاركوا فعليّاً فيما جرى للأرمن "
كان طموح ألمانيا تأسيس إمبراطوريّة ؛ فتقرّبت من السلطنة العثمانيّة (العليلة) الرخوة ؛ لتمتد عبرها حتى الخليج الفارسي/ العربي ؛ مستغلّة حجّة تقوية جيش السلطنة ومد خط السكك الحديد برلين - بغداد ؛ لتضرب مصالح غريمتيها روسيا وبريطانيا . ولكون ألمانيا من (دول المحور) في الحرب العالميّة الأولى ؛ فقد أصبحت حليفة للسلطنة العثمانيّة المعادية لروسيا القيصريّة التي كانت تساند الحركة الأرمنيّة المسلّحة ؛ فلا عجب إنْ طرحت ألمانيا فكرة تهجير الأرمن على حكومة (الإتحاد والترقّي) ؛ للحد من النفوذ الروسي ، بلْ كان شرطها في الإتفاق مع الإتحاديين هو قتل الأرمن ! ولقد كشف الكاتب الألماني بول رورباخ ذلك قائلا :
" جرى في برلين قبل فترة مؤتمر أوصى بوجوب تفريغ أرمينيا من الأرمن ؛ بتشتيتهم في بلاد مابين النهرين ، وعلى الأتراك أن يملأوا مناطقهم ؛ حتى تتحرّر أرمينيا بالكامل من النفوذ الروسي ؛ وتتزوّد مابين النهرين بمزارعين ، هي بأمسّ الحاجة إليهم "
وعليه ؛ فقد شاركت ألمانيا مشاركة فعّالة في إبادة الأرمن بدعم السلطنة العثمانية وإعانتها على الصُّعد : العسكريّة ، الإقتصاديّة والإعلاميّة ، لاسيّما بتحديث جيشها وتطوير أسلحته وتدريبه من قبل الخبراء العسكريين ، وكانت الشركات الألمانيّة تبني الجسور وتعبّد الطرق وتمد خطوط السكك الحديد ، وكان الجيش التركي يقترف الجرائم على مرأى ومسمع الخبراء والمدرّبين الألمان ، بل كان جنود ألمان يشتركون أحياناً في عمليات الإبادة ، ويتاجرون بالفتيات والنسوة الأرمنيات !
ودعماً لحكومة الإتّحاديين ؛ برّر دعاة البانجيرمانيزم جرائم الأتراك على انّها دفاع عن النفس !بلْ راح الإعلام الألماني الرسمي يروّج أباطيل وأضاليل الإعلام التركي ؛ لتغطية إبادة الأرمن وتبريرها ، بينما كانت الرقابة تعتّم على أخبار المذابح ، و تتيح المجال للدبلوماسيين والمسؤولين الأتراك لترويج خطابهم الرسمي على المنابر الإعلاميّة الألمانيّة !
وفي أثناء المذابح أهاب البعض بقيصر ألمانيا ؛ ليتدخّل لصالح الأرمن المظلومين ؛ فصرّح :
" أنّه ليس مستعدّاً لمقايضة عظام جندي بروسي واحد بكلّ المسألة الشرقيّة "!
وللتأكيد على موقف ألمانيا ؛ إليكم ما قاله هومان الملحق البحري الألماني :
" أعرف الأرمن ، وأعرف أن الأرمن والأتراك لا يمكنهما التعايش في هذا البلد ؛ لذا يجب على أحد العرقين أن يتلاشى ! لا ألوم الأتراك على ما يفعلونه بالأرمن ! أجلْ ؛ أعتقد إنهم معذورون تماما. يجب أنْ تخضع الأمّة الأضعف وتموت !
يسعى الأرمن إلى تقطيع أوصال تركيا ، وهم أعداء الأتراك والألمان في هذه الحرب ؛ ولذلك لا يحق لهن أن يحيوا هنا !"
ولذلك صرّح الشخصية الألمانية هاري ستوبرمر :
" إن هذا العار الذي سيسجّله التاريخ العالمي هو انّ إبادة شعب بكامله ذي حضارة راقية ، يُعَد أكثر من مليون ونصف المليون نسمة ، إبادة وحشيّة أُعِدَّ لها بعناية ، تجري في عهد تتمتّع فيه ألمانيا بأكبر نفوذ في تركيا!"
وبناءً على ما سلف ، لو لمْ تنهزم ألمانيا في تلك الحرب ، ولو لمْ يفلح (الجمهوريّون الألمان) بإسقاط القيصر الألماني وتشكيل الحكومة الجمهوريّة ؛ لما تحوّلت محاكمة صوغومون تهليريان الأرمني ، الّذي إغتال طلعت باشا ، من محاكمة جنائيّة إلى محاكمة سياسيّة ، بلْ ساحة مجابهة ساخنة جدّاً " بين أتباع الفكر القيصري المؤيّد للحكومة التركيّة الحليفة (السابقة) من جهة ، وأتباع الفكر الجمهوري المدافع عن الشعب الأرمني.."
وهكذا واتت الظروف سنة 1921في العهد الجمهوري الألماني ؛ لتتحوّل محاكمة الجاني تهليريان قاتل طلعت باشا إلى محاكمة سياسيّة لصالح الشعب الأرمني ؛ حيث حوّلت (القاتل) إلى (ضحيّة) و(ممثّل لمليون ونصف مليون أرمني مغدور) ، بينما حوّلت (الضحيّة) طلعت باشا إلى المسؤول الأوّل ، بلْ (ممثّل لمجرمي البانتركيسم الضّالعين في إبادة الأرمن).
وبعدها لم يمضِ أكثر من عقد ونيّف ، فإذا بالوحش النازي الشوفيني يمتطي ظهر ألمانيا ويقوده إلى إشعال حرب عالمية ثانية طاحنة ومدمّرة أضعاف الحرب الأولى ، مستهدية بحاديها الأرعن هتلر ، الذي راق له صمت العالم على إبادات الشعوب في الحرب العالمية الأولى ؛ ففي 22 آب 1939 كشّر عن أنيابه :
" لقد أصدرت الأمر إلى وحدات الموت التابعة لي بأن تبيد، بلا رحمة أو شفقة ، رجال العرق الناطق بالبولونية، ونساءه وأطفاله . فنحن نستطيع، بهذه الطريقة فقط، حيازة المدى الحيوي الذي نحن في حاجة إليه. ثم ، من يتذكر، اليوم، إبادة الأرمن ؟!"


كيف قتل الوحش الطوراني جركز احمد زوهراب و فارتكيس ؟
كان كَريكَور زوهراب (1861- 1915) من أكبر الشخصيّات الأرمنية آنذاك ؛ فهو قاص بارز في مصاف تشيخوف تُرجمت قصصه إلى قرابة 30 لغة ، ومناضل عنيد ضد الإستبداد والظلم ، وكان قانونيّاً كبيراً ومحامياً شهيراً " قوي الحجّة ، شديد الجرأة ، فولاذي الجرأة (...) أنقذ حياة المئات من موكّليه من المناضلين الثوّار؛ وبسبب ذلك ألقي القبض عليه عدة مرّات ، وحتى السلطان عبد الحميد كان يود التخلّص منه وإبعاده " وقد منعته السّلطات من مزاولة المحاماة ؛ فغادر تركيا إلى أوروبّا في 1905، لكنه عاد في 1908 إثر انقلاب الإتحاديين ؛ فأنتخب نائباً في مجلس المبعوثان (البرلمان التركي) في السنوات (1908- 1915) فكان من أبرز الخطباء بفصاحته ومناصرته لقضايا الشعب عموماً وقضية الأرمن خصوصاً ، ولمّا شرع الطورانيون بإبادة الأرمن ؛ قدّم إلى البرلمان شكوى شديدة اللهجة مستنكراً المظالم بحق الشعب الأرمني ، في 19 أيار 1915 وفي اليوم التالي ألقوا القبض على زوهراب ، وساقوه إلى المنفى والذبح مع فارتكيس سرنكَوليان (1871- 1915) النائب في البرلمان العثماني والصديق المقرّب لطلعت باشا، وسبق أن نصحه البعض من أبناء قومه بالهرب وإنقاذ حياته ، لكنه رفض الهرب وقال:
" لمن أترك هذا الشعب المستضعف ؟! لا، لا أستطيع الهرب . واجبي أن أقف مع شعبي حتى المعقل الأخير..."
ويُروى أنّ كريكور كان يُعد من الأصدقاء الحميمين لطلعت باشا ، وقد أُعتُقِل بعد تناول عشاء مع طلعت باشا و لعبة نرد بينهما؛ إذ كان طلعت قد أصدر أمراً باعتقاله قبل الزيارة ؛ فما أشنع نذالة وغدر الوغد طلعت !
وفي 7 تمّوز 1915 قتل الوحش الطوراني الشهير جركز احمد زوهراب وفارتكيس أبشع قتلة ، حسب رواية المؤرّخ التركي أحمد رفيق الذي قابل المجرم جركز احمد وسأله :
" حسناً هذا المدعو زوهراب و....غيره ، ماذا حدث لهم؟
- آ آ آ ، أ لمْ تعلمْ ؟ لقد قتلتهم جميعاً !
(ونفخ دخان سيكَارته عالياً ، ثمّ مسح بيده اليسرى شاربيه وواصل حديثه)
- كانوا آتين من حلب ؛ فقطعنا الطريق عليهم و.حاصرنا عربتهم فوراً ؛ فعرفوا بأنهم سيُقتلون .
قال فارتكيس :
- حسناً يا احمد بيك ..إنكم تعاملوننا بهذا الشكل ، ولكنكم ماذا ستفعلون مع العرب ؟ إنهم غير راضين عن معاملتكم لهم أيضاً .
فقلت له :
- هذا ليس من شأنك يا بهيم !
وفجّرت رأسه برصاصة من سلاحي الماوزر ، وقبضت على زوهراب وبطحته أرضاً تحت أقدامي وحطّمت رأسه بحجر كبير، وظللت أضربه ؛ حتى مات }
ويُروى أن الدركي جركز احمد كان يتباهى بأنه قد قتل أكبر عدد من الأرمن ، وكان يسخر من طلعت باشا الذي كان يقضي أوقات فراغه في شرب الخمر ، وليس في قتل المزيد من الأرمن!
ولقد جهر بقتله لزوهراب وفارتكيس ؛ إثر تعرّضه لحادث أو مرض مميت ؛ فباح لممرضة يعتقد انها من أصول أرمنية أو مختلطة (تركية من أم أرمنية) بالحقيقة قائلاً :
" إن الله ينتقم مني لكريكور زوهراب وفارتكيس فبيديّ الآثمتين هاتين سحقت رأس كريكور وفارتكيس بحجر كبير، ولا تزال عينا كريكور زوهراب المعاتبتين ترافقانني في نومي وفي يقظتي ليل نهار" !
هذا بينما أشاع طلعت باشا أن زوهراب مات بالسكتة القلبيّة ، وكان الأرمن يظنون أنه شنق ، ولم يعرفوا بمقتله الفظيع مع فارتكيس في طريق عودتهما من حلب إلى أستانبول ؛ بغية محاولة أخيرة لثني الأتراك عن تنفيذ خطّة الإبادة .
و هكذا قتل الطورانيّون المجرمون المئات من الشخصيّات الأرمنية وغيرها من ساسة ، قادة أحزاب ، أطبّاء ، أدباء ، أعضاء برلمان ، مؤرّخين ، محامين ، مهندسين ، موسيقيين و رجال دين ..وكانت الطريقة المتّبعة لقتلهم هي سوق الضحايا بحجّة التهجير إلى أماكن أخرى ، بمرافقة الجندرمة ، ثمّ قتلهم في الطرقات من قبل الجندرمة أنفسهم أو فرق الإبادة الخاصّة ..

هكذا قتل الطورانيّون وشرّدوا الآلاف من المثقفين الأرمن
لأن مثقفي أيّ شعب بمثابة الرأس المفكّر الحادي له ؛ فإن إبادتهم وتشريدهم ؛ تسهّلان جدّاً إبادة وصهر وتذويب الشعب المستهدف ، إضافة إلى تدمير وإزالة المعالم والآثار الثقافيّة والحضاريّة الدّالّة على عراقة وجوده التاريخي..وعليه ؛ فقد إبتدأ بها المخطط الطوراني لإبادة الأرمن بإبادة وتشريد نخبته الثقافية ؛ ففي ليلة 24على 25 نيسان 1915 قامت سلطات حكومة الإتحاد والترقّي الطورانيّة باعتقال (235 مثقفاً) من خيرة أعيان الشعب الأرمني ، في أستانبول وزجّتهم في السجون ، ثمّ نقلتهم إلى الأناضول ، ثمّ ناهز العدد (600 معتقل) في الأيّام اللاحقة ، ولمْ ينجُ منهم بحياته سوى (15شخصاً) ، وراح الطورانيّون يقتلون ويشرّدون ما يزيد على (1700) شخصيّة أرمنية في أوج النضج والعطاء من : ساسة ، قادة أحزاب ، أطبّاء ، أدباء ، أعضاء برلمان ، مؤرّخين ، موسيقيين ، فنّانين تشكيليين ، ممثّلين ، أساتذة ، مدرسين ، محامين ، مهندسين ، رجال دين ، تجّار ورياضيين ..وكانت الطريقة المتّبعة لقتلهم هي سوق الضحايا بحجّة التهجير إلى أماكن أخرى بعيدة عن سوح المعارك ، بمرافقة الجندرمة ، ثمّ قتلهم في الطرقات من قبل الجندرمة أنفسهم أو فرق الإبادة الخاصّة ..
ولقد تضافرت خسائر الأرواح مع الخسائر الإقتصاديّة التي كانت فادحة جدّاً ؛ حيث صودرت ممتلكات الأرمن العقاريّة بالأخص كالقصر الرئاسي وقصر كانكايا ، والودائع المصرفيّة وبوليصات التأمين الخاصّة بالأرمن ، والتي تقدّر بعشرات الملايين من الليرات الذهبيّة العثمانيّة ، وأملاك الوقف التي ناهزت (2700 كنيسة) و (500 دير) وأكثر من (2000 مدرسة) مصادرة ومدمّرة ..ويقدّر عدد من الباحثين التعويضات المترتبة (42- 88 مليار دولار أمريكي) لسنتي (1915 و 1916) و (50- 105 مليارات دولار) للفترة (1915- 1923) 
وليست القائمة الآتية إلّا عشر معشار ضحايا المذابح (1915- 1923) من القتلى والمشرّدين (جيل الكارثة والمحنة) الّذي عانى أمرّ المرارات في دياسبورا المنافي والمهاجر ، ورغم كل ذلك برز هنا هناك وهنالك الآلاف من الأدباء والفنانين والباحثين والأكاديميين والعلماء ...؛ فتحيّة إجلال وإكبار للشعب الأرمني (العنقاء) 

قتلى: 
(1) كَريكَور زوهراب (1861- 1915) : شاعر ، قاص ، روائي ، صحافي ، حقوقي وسياسي بارز. قتله الوحش الطوراني الشهير جركز احمد .
(2) كارابيت باشايان (1864- 1915) : كاتب ، مفكّر ، صحافي ، طبيب ومناضل . قٌتِل في وادي (بنيامي) في جنوب أنقره .
(3) يروانت سرماكشخانليان (1870- 1915)عصامي واسمه الأدبي (يروخان) : قاص ، روائي ، مترجم وصحافي . سيق في مايس 1915 مع عدد كبير من الأدباء والمفكّرين الأرمن إلى ديار بكر ، حيث قطعوا رأسه بالبلطة مع أفراد أسرته كافّة .
(4) فارتكيس سرنكَوليان (1871- 1915) : سياسي معروف و نائب بارز في البرلمان العثماني . أُبعد إلى حلب ، وقتله السفّاح الطوراني جركز احمد. 
(5) روبين زارتاريان (1874- 1915) : قاص ، شاعر ، صحافي و مربّي .
(6) إندرا (1875- 1921) إسمه الأصلي (ديران تشراكيان) : شاعر . أفلح في الهرب عند اقتياده إلى المنفى ، لكنه أصيب بخلل عقلي ، وقبضوا عليه في 1921 وقتلوه قرب آمد (ديار بكر)
(7) سيامانتو (1878- 1915) : شاعر وكاتب . إسمه الأصلي (آدوم يرجانيان) ، قُتِل في مجزرة 1915
(8) كيغام بارسيغيان (1883- 1915) عصامي : قاص ، شاعر وصحافي . 
(9) دانييل فاروجان (1884- 1915) : شاعر ، كاتب ، صحافي ومؤسس محفل الأدباء الأرمن في استانبول . قتله الجلّادون بعد تعذيب شديد. 
(10 ) روبن سيفاك (1885- 1915) : شاعر ، كاتب وطبيب .
(11) آ. كَنوني : مفكّر
(12) شافارش كريسيان : رياضي
(13) مكرديج مكريان : رياضي
(14) فاهان تشيراز : رياضي
(15) هايك جولوليان : رياضي
(16) كريكور جولوليان : رياضي 


أدّي شير (1867 - 1915) : 
ولد في شقلاوه . رئيس مطارنة سعرت للكلدان الكاثوليك . كاتب ، باحث ومؤرّخ باللغات : السريانيّة ، العربية ، الفرنسيّة ، الألمانيّة والإنكَليزيّة ، ومن أعماله : ( تاريخ كلدو وآثور) ، (سيرة أشهر شهداء المشرق القديسين) ، (كتاب الألفاظ الفارسية المعرّبة) و(Épisodes de l’histoire du Kurdistan) بالفرنسية.
كان أدّي شير علّامة نابغة يجيد اللغات : السريانية ، العربية ، الفرنسية ، اللاتينية ، التركية ، العبرية ، اليونانية ، الفارسية ، الكردية ، الألمانية والإنكليزية . 
لقد حاول شير خلال مجازر(سيفو) إنقاذ رعيّته من كلدان سعرت ؛ بدفع خمسة آلاف قطعة ذهبية للحاكم العثماني ؛ ليسمح لمسيحيي البلدة بالفرار، لكن الحاكم نكث وعده ، وأمر بقتلهم.. وثمّة بضع شهادات مختلفة نوعمّا عن مقتل العلّامة شير ، لكنّها متّقة على إنقاذ صديقه الكردي الشهم عثمان آغا له من سجن سعرت وأخذه إلى قريته طنزي ، لكنّ الزبانية الطورانيين عثروا عليه وعذّبوه تعذيباً شديداً ، وقطعوا رأسه في (حزيران 1915) وسلّموه للحاكم تأكيداً على مقتله.

ناجون و دياسبوريّون: 
(1) ليفون باشاليان (1867- 1943) : قاص ، صحافي ، مترجم عن الفرنسية وناشط. أضطرّ إلى الهرب من مذابح السلطان عبد الحميد في 1896 إلى لندن ، حيث أصدر مجلة أدبية ، ثمّ عمل مديراً لشركة البترول الفرنسية في باكو خلال (1901- 1920) ثمّ انتقل إلى باريس وعمل عضواً في اللجنة الأرمنية...وبعدها اصدر مجلة أدبية بالأرمنية والفرنسية حتى وفاته .
(2) كوميتاس (1869- 1935) إسمه الأصلي (صوغومون كَيفورك صوغومونيان) : راهب ، عالم موسيقي وملحّن عبقري . سيق إلى المنفى في مجزرة 1915 فنجا من القتل بأعجوبة ، لكنه فقد عقله والقدرة على الكلام ، وعاش في مصح في فرنسا حتى وفاته.
(3) فاهان ماليزيان (1871- 1968) : شاعر، كاتب وحقوقي . هاجر إلى القاهرة ، ثمّ إلى فرنسا ، حيث عاش حتى وفاته .
(4) أرشاك تشوبانيان (1872- 1954) : شاعر ، قاص ، مترجم ، ناقد، صحافي و باحث . هرب في 1896إلى باريس ، حيث نشط حتى كاتباُ ومترجماً باللتين الأرمنية والفرنسية حتى وفاته بحادث سير.
(5) روبن فوربريان (1874- 1931) : شاعر. أمضى فترة في جيبوتي بعد المجزرة ، ثمّ هاجر في 1920 إلى فرنسا ، حيث عمل في التجارة وعاش حتى وفاته .
(6) زابيل يسايان (1878- 1943) : قاصّة ، روائيّة وكاتبة مقالات باللغتين الأرمنيّة والفرنسيّة . رحلت سنة 1895 إلى باريس بغية الدراسة ، ومكثت هناك حتى 1933وغادرتها إلى أرمينيا السوفياتيّة ، وقد سيقت إلى سيبيريا ، حيث ماتت بلا قبر! 
(7) فاهان تيكيان (1878- 1945) : شاعر، كاتب ومترجم . نجا من المجزرة ؛ لأنه كان خارج تركيا، ثمّ أضطرّ إلى الهجرة إلى القاهرة وتوفّي هناك .
(8) هاكوب أوشاكان (1883- 1948) إسمه الحقيقي (هاكوب كوفاجيان) : قاص ، ناقد ، روائي وكاتب مسرحي . ثقّف نفسه بنفسه وأتقن اللغتين الفرنسية والألمانية . فلت من المذابح هارباً إلى القاهرة ، وانتقل إلى القدس ، حيث عمل في تدريس الأدب الأرمني ، ومن ثمّ انتقل إلى حلب ، وعاش حتى وفاته . 
(9) آهارون تاتوريان (1886- 1965) : شاعر وأكاديمي . فرّ إلى بلغاريا، ثمّ درس في براغ ، ومن ثمّ هاجر إلى فرنسا، حيث عاش حتى وفاته.
(10) هاكوب منسوري (1886- 1978) إسمه الأصلي (هاكوب دميرجيان) عصامي . ثقف نفسه بنفسه ، وعمل في بضع حِرَف : قاص . فقد جميع أفراد عائلته في مذابح 1915. 
(11) فاهرام تاتول (1887- 1943) : شاعر وصحافي . هاجر سنة 1922لى فرنسا ، حيث نشط ثقافيّاً حتى وفاته.
(12) كَارابيد سيدال (1891- 1972) : شاعر ، باحث وصحافي . فقد والديه خلال مجازر (1891- 1972) وعاش في ميتم أمريكي في مدينة (وان) ، وفي 1914هاجر إلى أمريكا ، حيث عمل وعاش حتى وافته المنية.
(13) آرسين يركَات (1893- 1969) : شاعر. رحل إلى القاهرة ، ثمّ فرنسا ، حيث أكمل دراسته ، نشر أعماله وعاش حتى وفاته. 
(14) آزاد فشدوني (1894- 1958) : شاعر وكاتب . إسمه الأصلي (كَارابيد ماميكَويان) هرب في سنة 1914 إلى تفليس عاصمة كَرجستان (جورجيا) 
(15) هاما سديغ (1895- 1966) إسمه الحقيقي (هامبرسوم كلنيان) : قاص ، شاعر وروائي . سافر في 1913 إلى أمريكا ملتحقاً بوالده ، حيث عاش ونشط ثقافيّاً حتى وافته المنية بينما كان يلقي كلمة في حفل يوبيله الأدبي الخمسين. 
(16) فاهيه هايك (1896- ؟!) إسمه الحقيقي (فاهيه دينجيان) قاص ، شاعر وروائي . في 1915 هرب إلى اليونان ، ثمّ قصد أمريكا في1920 ، واستقر هناك حتى وفاته .
(17) بنيامين نوريكان (1897- ؟!) : قاص وناقد . هاجر في 1913 إلى امريكا ، حيث تخرّج في جامعة كولومبيا فرع الآداب سنة 1921، وأصدر مجلة (الكتابة الجديدة) التي إستقطبت عدداً كبيراً من الأدباء الأرمن في المهجر..
(18) آلكساندر كَلجيان (1900- ؟!) شاعر. تشرّد أثناء مذابح 1915 ، ثمّ هاجر في 1920إلى أمريكا ، حيث عاش حتى وفاته.
(19) نائيري زاريان (1900- 1969) : روائي وكاتب مسرحي . فقد أهله خلال مذابح 1915 وترعرع ونشأ في أرمينيا.
(20) آرام هايكاز (1900- 1986) : قاص ، روائي وكاتب مقالات . فقد أهله في مذابح 1915 ونجا من القتل بأعجوبة ، وعاش خمس سنوات متخفّياً بأسماء زائفة بين الأكراد يعمل راعيا أو حطّابا أو فلّاحا أو كاتب حسابات عند أحد االآغوات ، ثمّ هاجر في 1920 إلى أمريكا ، حيث عمل مصوّرا وفن الحفر. 
(21) سارمن (1901- 1984) : شاعر وكاتب. إسمه الأصلي (آرمناك سركيسيان) . قُتِل أبواه في مجزرة 1915 فلجأ مع شقيقته إلى أرمينيا الشرقيّة ، حيث تربّى في ميتم. 
(22) بيوزاند توباليان (1902- 1970) : شاعر ورسّام . هاجر إلى سوريا إثر مجزرة 1915، ثمّ إلى فرنسا في 1920 ، حيث نشط ثقافيّاً حتى وفاته.
(23) زاريه فوربوني (1902- 1981) إسمه الأصلي (زاريه أوكسوزيان) : قاص ، روائي وصحافي . أفلحت أمّه في تهريب أطفالها الأربعة من مذابح 1915 إلى مدينة سيباستابول ، ثمّ عادت بهم إلى أستانبول ، حيث تتلمذ زاريه في مدرسة بربريان ، ثمّ قصدت العائلة باريس ، حيث إستقرّت ، وثقّف زاريه نفسه بنفسه...ونشط في حراكه الثقافي حتى وفاته ، بينما كان يدير مطعماً .
(24) فازكَن شوشانيان (1903- 1941) : شاعر وكاتب. فقد جميع أفراد عائلته أثناء المجازر. هاجر في 1922 إلى باريس ، حيث نال شهادة عالية في الزراعة وتربية الأغنام ، وعمل مدرّساً حتى وفاته . 
(25) كَوركَن ماهاري (1903- 1969) : شاعر ، ناقد أدبي وكاتب . إسمه الأصلي (كَوركَن عجميان). نزحت عائلته سنة 1915 إلى أرمينيا الشرقيّة . 
(26) شاهان شاهنور (1903- 1974) إسمه الأصلي (شاهنور كراستاجيان) : قاص ، روائي ، شاعر ، ناقد وكاتب مقال باللغتين الأرمنية والفرنسية ، ومعروف في فرنسا باسم (أرمين لوبان) هرب سنة 1922إلى فرنسا ، حيث عانى من الفقر والتشرّد وأصيب بالشلل . 
(27) كَرابيت خاجو (1903- 2005) : موسيقار ومغنّي أرمني / كردي شهير. فقد أهله في مذابح 1915 ونجا وعاش مع الكرد قرابة 60سنة.. 
(28) هاكوب كَويومجيان (1904- 1961) : شاعر وكاتب . تعرّض للتهجير والتشرّد ، وهاجر في 1922 إلى أمريكا ، حيث عمل وعاش حتى وفاته . 
(29) نيكوغوس سارافيان (1905- 1972) شاعر وكاتب . تشرّد أثناء المذابح ، ثمّ هرب إلى فارنا ، وهاجر عن طريق رومانيا إلى فرنسا ، حيث عمل وعاش حتى وفاته.
(30) ليون زافن سيورمليان (1905- 1995) : شاعر ، كاتب ومترجم . فقد والديه خلال المجزرة ، وعاش فترة مختفياً ، ثمّ في المياتم ، ومن ثمّ هاجر إلى أمريكا، حيث عمل أستاذاً في جامعة كاليفورنيا... 
(31) ميساك مانوشيان (1906- 1944) : شاعر، صحافي ومناضل شهير ضد الفاشيّة . بعد مقتل والدية في مجزرة 1915 أنقذته عائلة كرديّة وهرّبته إلى سوريا، حيث عاش في مياتم سوريا ولبنان ، ثمّ هاجر في سنة 1925 إلى فرنسا واستشهد في مقاومة النازيّة.
(32) فاهيه فاهيان (1907- 1999) : شاعر ، صحافي وأستاذ أكاديمي عمل مدرّساً في بيروت وقبرص. إسمه الأصلي (سركيس آبداليان) ، هُجّرت عائلته في 1915 واستقرّت في حلب سنة 1920 
(33) مسروب جاناشيان (1908- 1974) : شاعر ، كاتب وصحافي . تشرّد وهاجر إإلى فينيسيا ، حيث درس الفلسفة واللاهوت ، ثمّ الأدب التطبيقي في جامعة السوربون بباريس .
(34) آ. سيما (1910- 1940) : شاعر، صحافي ومناضل ضد الفاشيّة . هجّرت عائلته في مجزرة 1915وعاش في ميتم بأستانبول ، ثمّ هاجر مع شقيقته الشاعرة والكاتبة ماري آتماجيان في 1925 ومن ثمّ إلى فرنسا ، حيث عاش واستشهد خلال القتال ضد الجيش النازي .
(35) خاجيك داشتينتس (1910- 1974) : شاعر وكاتب . فقد أهله ، ونشأ في ميتم وعاش في أرمينيا.
(36) آرامايس سرابيان (1910- 1985) شاعر. فقد أبويه خلال المجزرة ، وعاش في ميتم ، ثمّ هاجر إلى إيطاليا ، حيث درس الطب وتخرج وعمل وعاش حتى وفاته.
(37) سيمون سيمونيان (1913- 1986) : قاص ، روائي وكاتب مقالات ودراسات . أصدر مجلة أدبيّة ، ثم جريدة أسبوعيّة ، وأسس مطبعة ودار نشر(سيفان) في بيروت . وكان قد ولد في عينتاب لعائلة مهجّرة من صاصون ، والتجأت عائلته إلى حلب خلال مجازر 1915 
(37) ماري آتماجيان (1913- 1989) : شاعرة وكاتبة مسرحيّة . هُجّرت عائلتها في 1915 وعاشت في ميتم ، ثمّ هاجرت مع أخيها الشاعر آ.سيما إلى سوريا، ثمّ إلى اليونان وأثيوبيا، ومن ثمّ إلى فرنسا في 1929، حيث واصلت مشوارها الثقافي حتى وفاتها.
(38) آندرانيك زاروكَيان (1913- 1989) : شاعر، قاص ، روائي وصحافي . فقد أهله في مجزرة 1915وعاش في ميتم في حلب ، حيث ترعرع ، ومن ثمّ وافته المنيّة في باريس. 
(39) موشيغ ايشغان (1913- 1989) : شاعر ، قاص ومسرحي . تشرّد إثر مجزرة 1915 وعاش في دمشق وقبرص وبيروت ، حيث عمل في التدريس ، ومن ثمّ وافته المنيّة. 
(40) مكَرديج هاجيان (1915- 1984) : شاعر، مترجم ، صحافي ومسرحي . هاجر إلى المكسيك سنة 1960 حيث عاش حتى وفاته.
(41) يوسف عبدالمسيح ثروت (1921- 1994) : مؤلّف ، ناقد فني وأدبي ومترجم . ولد في ديار بكر، وترعرع في العراق ، و وافته المنيّة في بغداد.
(42) فاهاكن دافتيان (1922- 2002) : شاعر ، مسرحي ومترجم . هاجرت عائلته إلى قفقاس الشماليّة.
(43) زاره ملكونيان (1923- ؟!) : شاعر، مسرحي وصحافي . نزحت عائلته إلى حلب ، حيث ولد وترعرع ، ثمّ هاجر إلى بيروت وأكمل دراسته ، وعمل في التدريس.
(44) كَارنيك آدتاريان (1925- 1986) : شاعر وصحافي . ولد في حلب في عائلة نازحة إثر مجزرة 1915 وقد هاجر في 1942 إلى بيروت ، حيث نشط ثقافيّاً حتى وافاه الأجل .
(45) آندرانيك ترزيان (1927- 1952) : شاعر. ولد في حلب من عائلة نازحة.
(46) فاروجان بيديكَيان (1927- 1990) شاعر وأكاديمي . ولد في حلب لعائلة مهجّرة . عاش في قبرص ، حيث عمل أستاذاً في الإقتصاد حتى وفاته .
(47) طوروس طورانيان (1930- ؟!) : ولد في حلب لعائلة مهجّرة : طبيب ، شاعر ، باحث وكاتب .
(48) آرام تيكَران (1934- 2009) : مغني ارمني غنى معظم أغانيه باللغة الكردية و يعد من عمالقة مغنيي و ملحني الموسيقى الكردية الحديثة . ولد في مدينة القامشلي لعائلة مهاجرة من ديار بكر خلال مجازر 1915. ربّاه أبوه وإخوته على فكرة التآخي الأرمني الكردي . وافته المنية في اليونان ، ومنعت السلطات التركية دفنه في ديار بكر حسب وصيته , وكذلك منعت السلطات السورية دفنه في القامشلي مسقط رأسه ! 
(49) نظار نظاريان (1932- 1991) : أديب ، كاتب مسرحي ومترجم سوري . له نحو (15 كتاباً) . ولد في مدينة (كسب) لعائلة مهاجرة خلال مذابح 1915. 
(50) موريال ميراك فايسباخ : صحافيّة ، كاتبة وناشطة مهتمّة بشؤون الأطفال المنكوبين أثناء الحروب ، ولها بهذا الخصوص كتاب (عبر جدار النار..أرمينيا ، العراق ، فلسطين) وهي من عائلة لاجئة إلى أمريكا.
(51) باركيف تسلاكيان : مايسترو وملحّن . من عائلة لاجئة إلى لبنان .

الوحش الطوراني طلعت باشا والبطل الأرمني صوغومون تهليريان

كان طلعت باشا (1874- 15 آذار 1921) وزير الداخليّة في حكومة (الإتحاد والترقّي) في الفترة (1913- 1917) ، ثمّ الصدر الأعظم في الفترة (4شباط 1917- 8 ت1/ 1918) كان عرّاب التخطيط لإبادة الأرمن والمثابر على تنفيذها بحماس منقطع النظير ؛ بإصدار أوامره الصريحة إلى المأمورين لإبادتهم ، وتهديداته بمعاقبة كل موظف يمتنع أو يتهاون في تنفيذ دوره ، قد أصدرت الحكومة التركيّة عقوبة الإعدام على كل من يؤوي الأرمن ، ومعاقبة المواطنين الذين يقدّمون المساعدة للأرمن المهجّرين قسريّاً. وبالفعل صدرت أوامر بتنحية عدد من الولاة والقائمْمَقامين الرافضين لتنفيذ الأوامر التي نصّت على الإبادة ، بينما عيّنت الحكومة ولاةً وموظفين بدائل نفّذوا الأوامر بإخلاص .
ولئن ْ إنتهز الطورانيون فرصة الحرب لإبادة الأرمن ؛ فقد تحجّج العسكريتاريّون من قادة (الإتحاد والترقّي) وأبرزهم : طلعت باشا وزير الداخليّة ، وأنور باشا وزير الحربيّة ، وجمال باشا وزير الأساطيل البحريّة ، تحجّجوا بإخلاء مناطق العمليّات العسكريّة المتاخمة لروسيا القيصريّة بإجلاء الأرمن منها ؛ لحمايتهم ، وقطع تعاون الكثير منهم مع الروس . وكانت أوامرهم تؤكّد بصراحة على التطهير العرقي للأرمن ، وتحث على عدم التعاطف والتساهل معهم ، بلْ عدم الرأفة حتى بالأطفال والنساء والمرضى . 
لقد قال طلعت باشا في الإجتماع السرّي للجنة التنفيذيّة لجمعيّة الإتحاد والترقي في أوائل 1915 :
" يجب إجتثاث الأرمن من جذورهم . يجب ألّا نترك أرمنيّاً واحداً على قيد الحياة في بلادنا . يجب أن نزيل إسم الأرمن من الوجود " 
و(الكتاب الأسود) لـ طلعت باشا أسطع دليل يثبت بالوثائق الدامغة إبادة الطورانيين الترك للأرمن ، وفيما يلي بعض برقيّاته وتصريحاته الجهيرة بإبادة الشعب الأرمني :
{ " إلى والي ديار بكر محمد رشيد باشا: 
أحرقْ - دمّرْ - أقتلْ "
(وزير الدّاخليّة / طلعت ) }

{" إلى والي حلب :
لقد ألغي حقّ الأرمن في العيش في أراضي تركيا إلغاءً تامّاً . والحكومة التي تتحمّل المسؤوليّات بهذا الخصوص قد أمرت بالقضاء على حتّى الأطفال في المهد...."
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 9 أيلول 1915) }

{ " لقد جرى الإبلاغ بأنّ الحكومة قرّرت بناءً على أمر الجمعيّة (الإتحاد والترقّي / المترجم) بإبادة الأرمن الذين يعيشون في تركيا بالكامل . كلّ منْ يخالف هذه الأوامر وهذا القرار ؛ يفقد حقّه في الجنسيّة . يجب إنهاء وجودهم من دون مراعاة النساء والأطفال والمرضى ؛ مهما بلغت وسائل إبادتهم أقصى المأساويّة . يجب عدم الإلتفات إلى مشاعر الضمير " 
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 15 أيلول 1915) }

{ " برقيّة رقم (537) :
بلغنا أن أفراداً من الشعب وبعض الموظفين تزوّجوا نساء أرمنيّات . أنا أمنع ذلك بشدّة ، وأصرّ على التوصيّة بهجر هذا النوع من النساء ، وإرسالهنّ إلى الصّحراء "
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 29 أيلول 1915) }

{ " برقيّة رقم (603) :
إلى والي حلب :
بلغنا أن الأطفال الصغار ، الذين يخصّون الأشخاص المعروفين الذين أُرسِلوا من ولايات ومعمورة العزيز و ديار بكر وارضروم ، لأنهم أصبحوا بلا حماية بعد موت أهاليهم ؛ قد جرى تبنّيهم كأيتام أو تشغليهم كخدم من قبل عوائل مسلمة . نحن نفرض عليكم التحرّي عن جميع هؤلاء الأطفال وإرسالهم كلّهم إلى منطقة النفي . وعدا ذلك إعلام السّكّان بهذا الشأن بالوسائل التي ترونها مناسبة " 
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 5 تشرين الثاني 1915) }

{ " من برقيّة مشفّرة إلى والي حلب :
...عليكم انْ تحرصوا عند اقتياد قوافل الأرمن من المدن وأماكن التجمّع بألّا تحدث أشياء ملفتة للأنظار . إنطلاقاً من وجهة نظر السياسة الحاليّة ، أن لمن فائق الأهمّيّة إقناع الأجانب هناك بأن الترحيل لا يهدف إلى أكثر من تبديل محل الإقامة... "
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 18 تشرين الثاني 1915) }
×××
{ " برقيّة رقم (691)
إلى والي حلب :
أبيدوا بطرق سرّيّة كلّ أرمني من الولايات الشرقيّة تعثرون عليه في منطقتكم "
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 23 تشرين الثاني 1915) }

{ " برقيّة مشفّرة رقم (745) 
إلى والي حلب :
" بلغنا أن بعض مراسلي الصحف المتواجدين في منطقة إدارتكم ، قد جمعوا صوراً فوتوغرافيّة ووثائق تبيّن الوقائع المأساويّة ، وسلّموها إلى القنصل الأمريكي في منطقتكم . يجب أن تعتقلوا هؤلاء الأشخاص الخطيرين وتتخلّصوا منهم "
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 11 كانون الأول 1915) }

{ " برقيّة رقم (762) 
" أبلغوا الأرمن الناوين إعتناق الإسلام برغبتهم ؛ للنجاة من النفي العام (إلى الصحراء) بأنه لا يجوز أن يصيروا مسلمين أبداً إلّا في منفاهم "
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 17 كانون الأول 1915) }

{ " برقيّة رقم (809) إلى والي حلب :
" بلغنا أنّ ضبّاطاً أجانب صوّروا جثث الأشخاص المعلومين (الأرمن) المرميّة منذ فترة طويلة على الطرقات ؛ فآمركم مصرّاً على دفنها فوراً ، ولا تتركوها مرميّة على الطرقات "
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 29 كانون الأول 1915) }

{ " بحجّة تقديم الإحتياجات لهم من قِبَل إدارة التهجير، دون إثارة الشكوك ؛ جرى بأوامر من وزارة الدفاع بواسطة قيادات المناطق العسكريّة ، تجميع أطفال الأشخاص المعلومين (الأرمن) مهم جماهير السّكّان وتبيدهم . نحن ننتظر ردّكم " 
(وزير الدّاخليّة / طلعت في 7 آذار 1916) }

" نحن نُلام بأنّنا لا نفرّق بين الأبرياء والمجرمين من الأرمن ، لكنّ ذلك غير ممكن ؛ لأنّ أولئك الأبرياء اليوم يمكن أنْ يكونوا مجرمين غداً"
(وزير الدّاخليّة / طلعت باشا)

فلا عجب أنْ يتباهى طلعت باشا (عرّاب الإبادة) لاحقاً :
" لقد فعلت في يوم واحد من أجل حلّ المسألة الأرمنية أكثر ممّا فعله عبد الحميد خلال 30 سنة "

البطل الأرمني صوغومون تهليريان
صوغومون تهليريان (2نيسان1896- 23مايس1960) فدائي أرمني عضو (كوماندوس العدالة والثأر) من عائلة بطش الطورانيّون الترك بأفرادها كافّة ؛ فقرّر الإنتقام واغتال طلعت باشا في 15 آذار 1921 في برلين . وبرغم اعترافه الصريح الجهير ؛ قرّرت هيأة المحلّفين براءته وأصدرت المحكمة حكماً بإطلاق سراحه ؛ فأثار ذلك ضجّة إعلاميّة وسياسيّة كبيرة في ألمانيا وغيرها من دول أوربا وأمريكا والشرق . 

و هكذا تجاوزت الواقعة المحكمة الجنائيّة في برلين ؛ لتستحيل واحدة من كبريات المحاكمات السياسيّة في التاريخ الحديث ؛ حيث أفلح فريق الدفاع عن تهليريان أن يحوّل محاكمته إلى محاكمة مجرمي إبادة الأرمن عبر المسؤول الأول عنها ، ألا وهو وزير الداخليّة طلعت باشا ؛ فقد أكّد تهليريان خلال جلسات المحاكمة أن الرعاع الترك من أهل أرزنجان شاركوا الجنود الترك والجندرمة في المجزرة ، ولم يشاهد أيّ كردي بزي رسمي أو بدونه ، أمّا كيف نجا من المذبحة وهو جريح ؛ فأفاد أن إمرأة كرديّة مسنّة آوته شهرين في منطقة ديرسيم ، ثمّ نصحه الكرد الطيّبون بالذهاب إلى إيران ، ودبّروا له ملابس كرديّة وبعض النقود ، في حين كانت الأوامر تقضي بإعدام كل من يؤوي الأرمن ! 
ولئن كان الإعلام التركي يروّج المزاعم والشائعات عن عداء الشعب الكردي للشعب الأرمني واشتراك أبنائه في مذابح الأرمن ؛ فقد طرح أحد القضاة السّؤال الآتي على تهليريان :
- " ما رأيك بالكرد ؟
فأجاب :
- الكرد شعب كالأرمن فيهم طيّبون وفيهم سيّئون "
ولقد دافع الشهود الأرمن والألمان عن الكرد ، وفشلت محاولات الحاقدين المتخرّصين في دق الإسفين بين الشعبين المتعايشين منذ أقدم العصور.
وهنا تجدر الإشارة إلى أبطال أرمن آخرين غيارى ثأروا لشعبهم المظلوم ؛ فقد قتل أرشاوير شيراكيان وآرام يركانيان المجرمين بهاء الدين شاكر وجمال عزمي في 7نيسان1922 ، وقتل بدروس ديربوغوصيان وارداشيس كيفوركيان وستيبان زاغيكيان المجرم جمال باشا في21تمّوز 1922 ، وقُتل المجرم سعيد حليم باشا في 8 ك1/ 1921 والمجرم أنور باشا في 4آب 1922

المصدر 

ليست هناك تعليقات

يسعدنا تفاعلكم بالتعليق,ولكن يرجى مراعاة الشروط التالية لضمان نشر التعليق
ان يكون التعليق خاص بمحتوى الموضوع 1⃣
يمنع نشر روابط خارجية بداعي الاعلان 2⃣
اذا لديك سؤال اضغط على زر "اتصل بنا" اعلى الموقع 3⃣
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ